سرد تاريخي ل١٥عام : ياهو تخرج من سوق محركات البحث للأبد مع بدأ تحولها لبنج



بداية ياهو كانت في منتصف التسعينيات  وتحديدا عام ١٩٩٥ حيث كانت عبارة عن دليل يستخدمه الناس للبحث عن مواقع الإنترنت المختلفة، حيث لقي الموقع رواجا وسيطا عاليا في الفترة التي قدمت شركة نتسكيب ( والتي قتلتها مايكروسوفت فيما بعد ) أول متصفح للويب، وكان أسلوب عمل الشركة يقوم على بيع دعايات العرض للمعلنين أي البانرز بانرز،
خلال عام من نشأتها طرحت ياهو أسهمها في سوق ناسدك للأوراق المالية لتحقق تمويل مقداره ٣٣ مليون من خلال بيع عدد من الأسهم. فقالت ياهو لنفسها: بدل من مجرد عرض نتائج بحث مواقع في عدة مجالات مثل الأخبار و الرياضة وغيرها للناس لتزورها، فلماذا لا نصبح نحن هذه المواقع  ونزيد عدد مشاهدات موقعنا ونبيع إعلانات أكثر؟ فدخلت ياهو عالم ما يسمى البوابات  بورتالز وأهملت تطوير دليلها.
ظهرت جوجل كمشروع مغمور يقدم خدمة البحث بصورة أفضل من ياهو حيث يعتمد على سبيايدرز تجوب الإنترنت لأرشفته ومن ثم بإستخدام خوازميات معينة تقدم جوجل نتائج بحث أفضل و أكثر دقة من ياهو. لكن ياهو لم تهتم.
في شهر ٨ من عام ٢٠٠٠ و في عز ثورة فقاعة الدوت كوم حققت ياهو أعلى قيمة سوقية لأسهمها لتصبح قيمة الشركة السوقية ( سعر السهم مضروب بعدد الأسهم ) ٧٦‪.‬٨١ مليار دولار.

بدأت ياهو في عام ٢٠٠٠ بإستخدام جوجل كمحرك بحث حيث كانت تظهر آخر الصفحة  عند البحث  من خلال ياهو مقدم من جوجل
Pwoered by Google
ومع مرور الوقت فهم الناس أن من يقدم نتائج البحث هي جوجل و ليست ياهو فذهبوا لجوجل لإجراء البحث، لترتفع شعبية جوجل، لدرجة أن إسم جوجل و كلمة “بحث” أصبحتى صنوان.
تمكنت جوجل من إيجاد طريقة لتحقيق الدخل وهي من خلال الإعلانات النصية الدلالية وهو برنامج أدوردز آد وردز ، حيث يتم وضع إعلان على صفحة البحث له علاقة بمفتاح البحث وظهر للمعلنين أسلوب جديد في بيع الإعلانات وهو الدفع حسب النقرة حيث يتنافس المعلنون في مزاد للحصول على أحقية الإعلان في مفتاح بحث معين.
مرة بضعة سنين و تحديدا عام ٢٠٠٤ لتهز جوجل سوق ول ستريت للأوراق المالية بإصدارها الأولي لأسهمها، للتحقق بعد  فترة قيمة سوقية أعلى من القيمة الوسقية لياهو بعدة أضعاف وتحقق وهي الآن حوالي ٢٠٠ مليار دولار.
هذا الأمر شكل صدمة لياهو وتجمد ( حسب مصادرنا داخل إدارة الشركة) جوجل تلك الشركة التي عطفنا عليها يوما أصبحت أكبر منا بأضعاف؟
فكرت ياهو بتغير خطها وطريقة عملها وبدأت بتغير تعريف “من نحن”؟ جوجل تقول أنها شركة هندسة تقنية، وياهو كانت دائما تقول أنها شركة إعلام. هنا أرادت ياهو أن تقدم نفسها كشركة هندسة تقنية، وبدأت بإجراء برامج للمطورين وطورت محرك بحثها الخاص بها ( بعد عدد من عمليات الإستحواذ) وبدأت بإستخدامه في عام ٢٠٠٤ و أنشأت برنامجها المشابه لـ آد وردز ، ربما بعد فوات الأوان قليلا.

في عام ٢٠٠٥-٢٠٠٦- بدأت ثورة الشبكات الإجتماعية بالظهور و قدمت ياهو عرض لشراء فيسبوك بمبلغ مليار دولار، لكنه  تم رفض الطلب. و دخلت أيضا ياهو مجال الشبكات الإجتماعية بمشروع فاشل أسمه ٣٦٠ ( تم إغلاقه.)في عام ٢٠٠٨ قامت ياهو بطرد ١٠٠٠ موظف لخفض التكاليف بسبب الأزمة المالية العالمية و لقيام جوجل بسحب المعلنين من تحت بساط ياهو.

لاحقا، أستنجد مجلس إدارة ياهو بمؤسس الشركة جيري يانج ليقوم بإدارتها، أتى جيري وقدم خطة لدمج كل خدمات ياهو تحت شبكة إجتماعية واحدة، لاحظ أن هذه الخطة كانت قبل أن تكبر فيسبوك إلى أكثر من نصف مليار عضو فاعل اليوم. لكن أتت مايكروسوفت لتعكر الجو وتحاول أن تشتري ياهو، ربما كان جيري يحاول المماطلة من خلال إطالة عمر التفاوض بحجة الحصول على سعر أعلى  ولكن بنية تخريب بيع الشركة “لرأس الشر”  وذلك كلما مر الوقت كلما زاد ضغط الصخب الإعلامي، فقام مجلس إدارة ا ياهو “المصون” بطرد جيري يانج من الرئاسة. وتم تعين إمرأة أسمها كارول بارز كرئيسة تنفيذية لياهو في الأول من عام ٢٠٠٩.
وكانت من نتائج عملية التفاوض هي إلهاء جيري يانج عن تطوير مشروعه الطموح للشبكات الإجتماعية "وذلك حسب الدكتور أسامة فياض نائب شركة ياهو  السابق والذي أخبرنا عن ذلك"ـ .
كارل أعدت إستراتيجية جديدة لياهو تقوم على الخروج من عقدة جوجل و الخروج من سوق محركات البحث، فتم عقد صفقة مع مايكروسوفت بمبلغ ١٥٠ مليون دولار على أن تقوم ياهو بتقديم البحث من خلال بنج لمدة ١٠ سنوات.
وهذا يعني أن التاريخ يعيد نفسه بالنسبة لياهو، ليس مع جوجل و لكن مع بنج. فاليوم يتم إستخدام بنج في سوق أمريكا الشمالية ثم ليشمل العالم ،لتتسع حصة بنج من سوق محركات البحث إلى حوالي ٢٧ ٪ و وتبقى حصة جوجل ٦٦‪.‬٢ ٪ .


ونستطيع أن نقول: وداعا ياهو فيبدوا أن الشركة خرجت من سوق محركات البحث إلى الأبد ( طبعا خلال تاريخها إستحذوت ياهو على العديد من الشركات منها من كانت إستثمارات ناجحة ومنها ما دفعت لها أكثر من مليار دولار !!! " شئ عجيب "  لتذهب أدراج الرياح.
لكن المنافسة الحقيقة اليوم هي ليست بين بنج و جوجل، بل بين فيسبوك وجوجل. فكما كتبنا أكثر من مرة تعتبر فيسبوك أكبر تهديد يواجه جوجل، وهو اليوم بمثابة حياة أو موت. ليس من بسبب إمتلاك فيسبوك الآن الأفراد ( أكثر من ٥٠٠ مليون عضو) الذين يجوبوا الإنترنت نيابة عنها ويقموا بعملية "لايك" لصفحاتها  بل إن الفيسبوك أيضا تملك بيانات الفرد نفسه، وهي مسألة زمن ليس إلا، حتى تخرج فيسبوك بمنتج إعلاني يقدم فعالية أعلى للمعلن من أدوردز وهو مصدر الدخل الرئيسي لجوجل.  وهذه الأسباب هي وراء عزم جوجل دخول بقوة سوق الشبكات الإجتماعية أو ما يمس بجوجل مي. فمن يكسب الصدارة؟ جوجل أم فيسبوك؟