إعداد        
   ا0د /  محمد ماهر احمد نصر




( لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب )
سورة يوسف (مكية)، نزلت في توقيت مقارب لنزول السورتين اللتين قبلها، يونس وهود، وفي نفس الظروف. وهي أطول سورة تحتوي على قصة في القرآن، فقد احتوت على قصة سيدنا يوسف عليه السلام من بدايتها لنهايتها. عدد آياتها 111 آية.
أحسن القصص
        سميت سورة يوسف بأحسن القصص لأنه ليس في القرآن قصة تتضمن من العبر و الحكم ما تتضمن هذه القصة . و قيل  سماها أحسن القصص بحسن مجاوزة يوسف عن أخوته و صبره على أذاهم ، وعفوه عنهم بعد التقائهم عن ذكر ما فعلوه  و كرمه في العفو عنهم .
وقال بعض الحكماء : إنما كانت أحسن القصص لأن كل من ذكر فيها كان مآله السعادة ، انظر الى يوسف و أبيه و إخوته و امرأة العزيز  و الملك أيضا اسلم مع يوسف و حسن إسلامه ، و الساقي صاحب الرؤيا و الشاهد فيما يقال ، فما كان أمر الجميع إلا الى الخير.
            من خلال هذه التأملات حاولت الكشف عن معنى الصبر ، والصبر الجميل و هل كل صبر محمود قال عنها علماء القصص أنها احتوت على جميع فنون القصة وعناصرها، من التشويق، وتصوير الأحداث، والترابط المنطقي، واستخدام الرمز.
         فسورة يوسف هي إحدى السور المكية التي تناولت قصص الأنبياء بإسهاب وإطناب دلالة على إعجاز القرآن في المجمل والمفصّل وفي الإيجاز والإطناب (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) آية 111 . و يتفق المفسّرون على أن سبب نزول سورة يوسف، هو طلب اليهود من الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أن يحدثهم  بخبر يوسف عليه السلام، وهم يعلمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أميٌّ لا يقرأ ولا يكتب ولا يعلم من أمر يوسف شيئاً. إذاً فالأمر خفيٌّ عليه مستور عنه ، وجاءت السورة كشفاً وتبياناً لما خفي على رسول الله من أمر يوسف (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)وفي قوله تعالى ( لمن الغافلين ) جاء التوكيد باللام ليدل على تأكيد غياب هذا الأمر عن رسوله كلّياً ، فلم يقل الله سبحانه (لمن الجاهلين ) لأنني قد أجهل الأمر وأكون قد سمعت به ، فأنا أسمع مثلاً عن علم الذرة لكنني أجهله ، أما أن أكون غافلاً عنه، فمعنى ذلك أنه لم يخطر في بالي مطلقاً فالغفلة عن الأمر أشد تغييباً له من الجهل به .       حقا إنه لفي سورة يوسف من العبر البليغة والثمار الجلية الواضحة لأصحاب العقول الواعية والقلوب البصيرة  0و قد حاولت أن أقطف بعض هذه الثمار عسى الله أن ينفع بها من يطلع عليها0فلنبدأ مستعينين بالله 0


 تحميل الكتاب