أي سائح متنقل، متسلق جبال أو مسافر في رحلة طويلة في بقعة من بقاع العالم على دراية كاملة بقائمة من الأساسيات للسائح أو المسافر في بقعة أخرى من العالم ملابس إضافية، طعام إضافي، إسعافات أولية وما إلى ذلك …
في الحقيقة هذه الأساسيات إلى حدٍّ ما عالمية وهي نتيجة سنوات من الخبرة تهدف إلى مساعدة المسافرين تجنّب الوقوع في المشاكل في الدرجة الأولى، وإذا لم يفلح ذلك فعلى الأقل التقليل من الضرر…
متسلق الجبال عديم الخبرة من شأنه أن يذهب إلى الجبال بدون هذه الأساسيات، ومطوّروا البرمجيات الخبيرين أيضاً لديهم خبرة نتيجة سنوات متراكمة من العمل ، وإن خضنا مغامرات برمجية فغالباً ما تحتوي مشاريعنا على أطراف مجهولة ومواقف صعبة أكثر من مجرد رحلة ما في الغابة، وهذا ما دعا إلى ضرورة وجود عشر أساسيات لنجاح أي مشروع برمجي .
Planning_1
الخريطة، البوصلة واللوازم
في الواقع إنّ توصيف أو تخصيص المنتج هو بوصلة المشروع البرمجي، بدونه يمكنك أن تنجز أي مشروع كبير إلى حدٍّ ما، ولكن في المقابل يبقى مشروعك غير قابل للتطبيق لأن جهودك لم تكن موظّفة في اتجاه أو منحى معيّن، فأي مشروع فردي يمكن أن يضل فمعظم الناس في نهاية المطاف يعملون في مشاريع متعارضة.
اليوم مع الدرجة العالية من النظم التفاعلية تتزايد الصعوبة معرفة جوهر المشروع البرمجي بدون بناء نموذج متكامل ومفصّل لواجهة المستخدم، الوثائق الورقيّة غالباً لا يمكنها أن تصف بشكلٍ وافٍ شكل ومظهر ومواصفات المشروع البرمجي المقصود، وإذا كانت مواصفات المشروع البرمجي هي البوصلة فإن نموذج واجهة المستخدم هي الخريطة التي تشير على التلال والهضاب وأجزاء أخرى في رحلة البرمجيات التي ستتطلب مهارات خاصّة، والآثار الجانبية المفيدة لنمذجة واجهة المستخدم أنها طريق فعّال لتسليط الضوء على كلٍّ من المستخدم وفريق المطوّرين البرمجي، فالبرمجيّات لتي تعمل بفعالية ووضوح هي جيدة للمستخدم ولروح المطوّر المعنوية.
المسافر عديم الخبرة من شأنه أيضاً أن يذهب بنزهة سير على الأقدام دون ما يكفي من الغذاء والماء والملبس، في المشروع البرمجي الجدول الزمني الواقعي يوفّر أساس التخطيط الضروري لعددٍ كافٍ من فريق المطوَرين وضمان جودة المشروع بالإضافة إلى مستوى مناسب من الشكليّة ، كل فترة نسمع عن مسافر اُحتجز في الغابة بعاصفة ثلجيّة غير متوقّعة، كما نسمع عن مشروع برمجي كان من المفترض أن يُنجز مثلاً في حزيران ولكن في الحقيقة لم يُنجز إلا لبعد عدة أشهر، فاعتماد المشروع البرمجي على جدول زمني غير واقعي وكادر غير كافي والتخطيط التقني الذي ينجم عن ذلك هو بمثابة الذهاب للغابة في كانون الثاني وليس معك أي سترة دافئة !!
Planning_2
التخطيط للمستقبل

من المفيد معرفة أن المسافر يمكن أن يذهب لأيام دون طعام ولكن في المقابل ليس بدون ماء..

المشروع البرمجي الناجح يؤسس أولويات واضحة لذلك إذا حصلت أي مشكلة في المشروع فالفريق البرمجي يعلم أي ميزات ضرورية وأيها يمكن الاستغناء عنها إلى حدًّ ما، فالأولويات الواضحة تساعدك على تفادي مشكلة إرادة كل الميزات الممكنة، فالتفكير بإرادة كل الميزات الممكنة مكافئة تماماً للتفكير بعدم إرادة أية ميّزة.
الفريق البرمجي لن يكون لديه أي مرشد عندما يقف المشروع أمام اختيارات قاسية، لذلك فالأولويات الواضحة تجعل الاختيارات القاسية أسهل.

حين جاء موعد إلقاء بول جراهام لمحاضرته المعتادة في مدرسة العصاميين في الشتاء الماضي، إنه طلب من كل من يعرفهم من العصاميين أن يخبروه عن أكثر ما فاجئهم حين انطلقوا ليؤسسوا شركاتهم الناشئة، وكان ظن بول أنه قد علم بكل المفاجآت، لكنه تلقى قرابة مئة قصة مفاجئة، تحدث عن أهم 20 منها (الرابط)، أترجمها لكم هنا

 كن حذرا مع الشركاء المؤسسين
والحذر هنا مقصود به من ستختار ليكون شريكك، وأن تحذر من كونك شريكا فتعمل بجد لتكون مستحقا لهذه الشراكة. أكثر ما شكا منه العصاميون عند اختيار شركائهم من صفات كان العلاقة الشخصية ومدى الالتزام – القدرة، وما لم تعمل مع أحدهم في تأسيس شركة ناشئة، فأنت لا تعرفه على الوجه الصحيح أو الدقيق. العبرة هنا هي ألا تختار شريكا مؤسسا يقدم الوعود فقط، بدون أي أفعال أو التزام، هذه كفيلة بالقضاء على الشركة الناشئة.


أما سبب اختيار صفة العلاقة الشخصية فكما قال عصامي أنه يفضل أن يؤسس شركته مع صديق بدلا من غريب، فتأسيس شركة أمر صعب جدا، يحتاج لدعم عاطفي وعلاقات وروابط قوية تساعد على اجتياز هذه المرحلة، وهذه عادة تجدها في الصديق الحق. على الجهة الأخرى، حين تشارك صديقا، فيجب عليك العمل بجد وكد لتحافظ على أواصر هذه العلاقة، حتى لا تخسر هذا الصديق، والشركة. وأما من نجح في هذا الاختبار من الجنسين، فالكثيرون منهم انتهى مآلهم بالزواج، مثل قصة موقع فليكر لمن اشترى كتابي!
 تأسيس شركة ناشئة يستولى على حياتك كلها
حين تطلق شركتك الخاصة، فأنت لا تعمل في وظيفة ذات وقت محدد، بل هي وظيفة لا تنتهي أو تتوقف أو تأخذ إجازات. ستجد نفسك تعمل الساعات الطوال دون توقف، وستجد عقلك يفكر في شركتك بدون توقف، وأنت نائم أو بينما تأكل، وستجد عضلاتك تئن وعظامك تشكو من طول ساعات العمل، لكنك لن تشكو أبدا، بل وستجد المتعة والسعادة في هذا الانكباب والالتزام والتعب والإرهاق، فأنت تبني نجاحك الشخصي والتجاري


 إنها مغامرة عاطفية شديدة التقلب
التقلبات العاطفية والمزاجية العنيفة والتي تصاحب تأسيس شركة جديدة فاجأت الكثيرين، مرد ذلك أنك في دقيقة ما تكون مسيطرا على مجريات الأمور، الدقيقة التالية تجد نفسك ضائعا تائها لا تعرف سبب حدوث هذا الكم الكبير من المشاكل. في يوم ما ستظن شركتك المنافس الخطير لجوجل وسترفل في الأموال وتشتري جزيرة أحلامك، في اليوم التالي ستبدأ تفكر ما الذي ستقوله لتبرر لمن حولك سبب إخفاقك وفشلك


الأصعب من كل ذلك هو ضرورة محافظتك على رباط جأشك والتزامك الثبات والتماسك، ثم الشروع في تشجيع كل من حولك وتحفيزهم ورفع معنوياتهم ليستمروا في العمل وحل المشاكل، رغم كل الإخفاقات والعثرات والسقطات. قد تكون هذه الجملة قصيرة أو بسيطة، لكنها القاصمة، فلكل شخص قدرة تحمل ومخزون طاقة، يمكن له أن ينفد ويعلن الاستسلام. إذا حدث لك ذلك فلا تيأس من إعادة المحاولة مع شركة جديدة، الكثيرون ساروا من هذا الطريق ونجحوا رغم عثراتهم

 يمكن للأمر أن يكون مرحا
رغم أن المقالات السابقة ألقت بظلال قاتمة على فكرة تأسيس شركة ناشئة، لكن في بعض الأحيان يكون الأمر ممتعا وجالبا للسعادة والمرح. حين تبني نجاحك الشخصي تغمرك سعادة فياضة من الداخل، خاصة إذا كنت تؤسس شركة تخترع شيئا جديدا عبقريا، مليئا بالإبداع والاختراع، خاصة وأنك الآمر الناهي، لا تتلقى الأوامر من غول يتلذذ بجلب التعاسة لمن يعملون تحته

يؤكد بول على أنه غير نادم أنه جعل الأمر يبدو صعبا كئيبا، فمن الأفضل لمن يقدم على تأسيس شركته ألا يتوقع غير ذلك، فإن حدث فهذه مكافآت ومنح آلهية، فهذا الاعتقاد يعطيهم قوة إضافية للثبات والاستمرار في مواجهة المشاكل وتذليل المصاعب. بل الحقيقة أن جانب المرح هذا سيتحقق مع القلة القليلة، ولذا من الأفضل تركه كمفاجأة لا أمرا متوقعا

 الإصرار هو المفتاح
بدون إصرار لن تنجح شركتك الناشئة. وليس المقصود بالإصرار هنا لمدة ساعة من زمان، بل طوال حياة شركتك. رغم كل ما سمعته وقرأته عن ضرورة الإصرار، فما أن تدخل هذا المعترك حتى تدرك أن الأمر أكبر من كلمات أو كتب. الإصرار لدرجة العتاد سيجلب لك حل لمشكلات عويصة. بل إن الإصرار تفوق على الذكاء والعبقرية لحل المشكلات. حين تنتقي شريكا، احرص على أن يكون من المثابرين بشدة

 خطط للمدى البعيد
وأما سبب أهمية الإصرار كعامل أساس لنجاح الشركة الناشئة فهو أن كل شيء تريد تنفيذه يأخذ وقتا طويلا جدا كي يتحقق، فمؤسس الشركة يعمل بسرعة كبيرة، ويتوقع لكل من حوله أن يعمل بالسرعة ذاتها، لكن الدنيا لا تسير وفق هذا المنظور. ستجد كل شيء يستغرق وقتا أطول بمقدار الضعفين أو ثلاثة أضعاف ما تتوقعه، ولعل سبب ذلك هو الثقة الزائدة لدى كل مؤسس شركة ناشئة، فهو يظن أنه سيكون أنجح من يوتيوب أو ياهوو، ورغم أنك تخبرهم أن واحد فقط من كل مشروع انترنت ناجح يحقق معدل زيادة صاروخي مثلما فعل ياهوو وغيره، فيرد عليك سأكون أنا هذا الواحد

على الجهة الأخرى، بجانب أهمية الإصرار، عليك توقع أن شركتك لن تقف على قدميها قبل مرور من 3 إلى 5 أعوام، في رحلة صعبة ستحتاج منك إلى كل قطرة عرق وصبر وإصرار، وكل هذا يحتاج إلى تخطيط جيد من أو قبل البداية. التخطيط بعيد المدى يخفف من وطأة الضغط العصبي لتأخر كل ما كنت تريده تحقيقه بسرعة، وعندها تستطيع التفكير بروية ووضوح، وهذا يعينك على بلوغ هدفك ونجاح شركتك بشكل أسهل وأيسر.


  الكثير من الأشياء الصغيرة
لا تضع البيض كله في سلة واحدة، جملة سمعناها كثيرا، لكنها حقيقة ولها أوجه كثيرة تتحقق من خلالها، وأما في حالة تأسيس شركة جديدة، فأنت لا تعرف أين البيض، ولا تعرف كم سلة لديك، ولذا عليك أن تجرب عدة أشياء حتى تعرف أي خاصية تقدمها هي الخاصية التي يبحث عنها الجميع والتي ستجعل لك ميزة تنافسية وتجلب لك النجاح والأرباح. ستؤمن أن ميزة بعينها لديك هي درة العقد أو جوهرة التاج والتي ستجعل منك الناجح الذي تطارده مجلات الأعمال، لكن التجربة العملية ستخبرك أن ذلك غير صحيح

حتى في حال كانت ميزة واحدة فقط لديك هي ما يجعل لشركتك فرصة في النجاح الكبير، فأغلب الظن أنك لن تعرف هذه الميزة على الوجه الدقيق، وغالبا ما ستكون هذه الميزة ذات أثر يتحقق بمساعدة أشياء جانبية صغيرة، وهذا يتطلب منك ألا تركز جل وقتك لعمل شيء واحد

 ابدأ بشيء صغير ، قليل ، محدود ، بسيط
كثيرة هي المقالات والنصائح التي أخبرتك بأن البساطة هي مفتاح النجاح، وفي حال شركات ومشاريع انترنت، عليك تقديم فكرة جديدة، بشكل مبسط، لكي تطلقها بسرعة، ثم بعدها تجلس لتطور وتوفر المزيد من المزايا والخواص. لماذا تجد الإصدار الأول من تطبيق أو موقع انترنت يأخذ الطويل من الوقت؟ غالبا بسبب الكبرياء والفخر. من ذا الذي يريد أن يطلق تطبيقا ما وهو قادر على تحسينه وتطويره وتجميله أكثر؟

لكن على الجهة الأخرى، من قال أن تقديم تطبيق / برنامج بسيط ليس بعمل ذي قيمة ومعنى وفائدة؟ لا تقلق مما سيقوله الناس بخصوص الإصدارة الأولى من تطبيقك، فلو حدث وجاء الإصدار الأول من تطبيقك مبهرا ولم يعب عليه جيش سخفاء انترنت فاعلم أنك انتظرت طويلا حتى تطلقه

 تفاعل مع المستخدمين / العملاء
تطوير أي منتج هو ببساطة حوار مع المستخدم، لكنه حوار لا يبدأ قبل أن تطلق منتجك، وهذا من ضمن أسباب الحاجة لتوفير منتجك وطرحه في السوق بسرعة، بل ربما كان من الأفضل لك النظر إلى هذا المنتج والتطبيق على أنه مجرد وسيلة لبدء حوار مع المستخدمين ليعطوك آرائهم ورغباتهم. ما أن يبدأ هذا الحوار، حتى ستجد باب المفاجآت الحقيقية وقد انفتح، وستجد تفاصيل مثيرة وأسباب خفية تجعل لما تقدمه قيمة فعلية، تستحق دفع المال فيها

على أن هذه المفاجآت ليست كلها إيجابية، فمنها السلبي كذلك، فلن تجد معجبين بكل ما تفعل أو تقدم أو تقول، لكن كذلك ستجد جوانب أخرى حصدت الاهتمام من المستخدمين والتي عليك التركيز عليها أكثر والاهتمام بها. لن تعرف كل هذا ما لم تبدأ الحوار مع المستخدم

 استعد لتغيير فكرتك
لكي تستفيد من حوارك مع المستخدمين، عليك أن تكون مستعدا وراغبا في تغيير فكرة شركتك. كثيرا ما شجعنا العصاميين على النظر لفكرتهم لتأسيس شركتهم على أنها فرضية أو مقترح، وليس قانونا لا يمكن تجاوزه أو تعديله أو تغييره كليا. رغم أن فكرة كهذه تبدو صعبة الهضم، لكن ما أن تعمل بها حتى ستتفاجئ بقوة لسهولة تنفيذها ونجاح نتائجها

رد الفعل الطبيعي لدى العصاميين حين يواجهون مشكلة عويصة سيكون العمل بجهد كبير لحلها، لكن في حال الشركة الناشئة، قد لا يتوفر لك الوقت الكاف حتى تحل هذه المشكلة، ولذا ربما كان من الأفضل لك البحث عن مشكلة أخرى أسهل عليك حلها وتجعلها الفكرة والخدمة التي ستقوم عليها شركتك الناشئة. الإصرار على تحقيق شيء بدون مرونة في التفكير والتصرف قد ينتهي بك حاصلا على لا شيء!
نعم، بالإصرار ستصل إلى حل لمشكلة ما، لكن على حساب ماذا؟ يستطيع الإنسان منا التوقف عن التنفس لفترة وجيزة، من دقيقتين إلى خمس على أقصى تقدير، بعدها لن تجدي جميع أنابيب الأوكسجين في العالم. شركتك الناشئة ذات قدرة أقل على التحمل، فلا تنزلق وتعند وتخاطر بكل شيء لتثبت أنك عبقري حل مشاكل.
عليك أن تعثر على أقصر وأفضل سبيل لحل مشكلة ما، وتكمن المشكلة في عدم وجود وسيلة قاطعة لمعرفة أفضل حل وأقصر طريق، ولن تعرف حتى تجرب، وتغير من طريقة تفكيرك، وتكون مستعدا لتقبل جميع الأفكار الممكنة وتجربتها