منذ زمن بعيد نترقب اليوم الذى تقوم فيه الآلات بعمل الإنسان، كالروبوتات  التى تحل محله “عضليا” فتقوم بأداء الأعمال الشاقة و المرهقة عنه. و لكن لم  نتخيل أن تحل الآلة محل الإنسان “ذهنيا”…فتقوم بالتفكير و الإستنتاج و  التحليل عنه. و ربما يأتى اليوم الذى  تحتل فيه اللآلات الأرض و يكون  الكمبيوتر هو العقل المدبر و تتحقق نبوءة فيلم"آى روبوت"ـ !

فيكي الكمبيوتر الخارق- من فيلم "آى روبوت"ـ
“واطسون Watson” الكمبيوتر الخارق، عبر حاجز المستحيلات و تفوق على  نظيره البشرى فى مسابقة عالمية ، تعد من أصعب المسابقات و أشهرها فأثبت  جدارته متصدرا بذلك جيلا جديدا من الحواسيب الآلية الذكية.

وجه واطسون
واطسون هو نتاج 4 سنوات من العمل الشاق أنجزه فريق من مهندسى شركة "آى بى إم " بقيادة د.ديفيد فيروتشى. واطسون ليس بحاسب آلى عادى فهو مصمم لفهم اللغة  البشرية و تحليلها و منطقتها و إعطاء رد الفعل المناسب و هو بذلك يتصرف مثل  المخ البشرى تماما. و لإختبار واطسون كان لابد من مشاركته فى مسابقة مثل  "جيوباردى" لأنها ليست من النوع التقليدى من المسابقات حيث يتلقى  المتسابق سؤالاً و يعطى هو الجواب بل العكس هو الصحيح فى جيوباردى . يتلقى  المتسابق مفتاح الإجابة و يُنتظر منه أن يسأل السؤال! و هو ما يجعل  المسابقة تحديا كبيرا. الإجابات التى يأخذها المتسابق لا تكون سهلة كما  تتخيل، فهى تكون متضمنة كنايات أو إستعارات لغوية و أحيانا يتم إستخدام  التورية بالإضافة إلى النكات و السخرية إن أمكن ، بذلك هى أقرب إلى لغز منه  بإجابة. و لهذا ينبغى أن يمتلك المتسابق قدرات كبيرة على التحليل اللغوى و  الإستنتاج العقلى بالإضافة إلى قدر كبير من المعلومات العامة حتى يتمكن من  الفوز.
بداية من يوم 14 فبراير 2011 و على مدى 3 أيام متتالية واجه واطسون  خصومه الأقوياء من أشهر متسابقى جيوباردى السابقين. الأول هو “كين جينينغز”  الفائز بالمسابقة 74 مرة متتالية أما الثانى فهو “براد راتر” الفائز بأكبر  جوائز مالية فى جيوباردى. لم يكن واطسون موصلا بشبكة الإنترنت و إلا فأن  ذلك لن يكون عدلاً بالنسبة إلى خصميه البشريين ،لكن عوضا عن ذلك فإن واطسون  محملا بجميع الموسوعات المعروفة و الكتب فى جميع المجالات بالإضافة إلى  أرشيف أعداد جريدة نيويورك تايمز حتى يومنا هذا فى ذاكرة تقدر ب 15  تيرابايت!
أجهزة واطسون العملاقة
عندما يتلقى واطسون الإجابة فإنه يأخذ وقته فى التفكير مثل البشر فيقوم  بإسترجاع المعلومات من دماغه العملاق ثم يقوم بالخطوة الأهم و هى تجميع  الأدلة حتى الوصول إلى مجموعة من الإقتراحات الممكنة مع حساب إحتمال صحتها  بنسبة مئوية. و من ثم إتخاذ القرار النهائى و إعلانه بصوت بشرى رخيم نابع  عن مكبرات الصوت الخاصة به.
يتضح أكثر فى الفيديو القادم نظام مسابقة جيوباردى من خلال جولة تجريبية لواطسون مع كين و براد:

يكمن سر تميز واطسون فى إبداء رد سريع هو إعتماده على تقنية تمكنه من  إجراء ألاف العمليات بشكل متوازى فى نفس الوقت مستغرقا 3 ثوانى على الأكثر!  يعتبر واطسون أفضل من محركات البحث المعتادة مثل جوجل لأنه يعطى إجابة  واحدة لمجموعة من الكلمات بينما على الجانب الأخر فإن محركات البحث  التقليدية تعطيك ألاف و ربما ملايين الوصلات لتبحث بينها عما تريده.واطسون  معجزة تكنولوجية بكل المقاييس، لأنه ليس مجرد ألة فحسب بل هو مثال مذهل  للذكاء الإصطناعى القابل لتطوير نفسه بنفسه، فواطسون مثل البشر تماما يتعلم  و يضيف لخبراته أول بأول.
لكن هذا لا يعنى أن واطسون جهاز مثالى لكنه معرض للخطأ أيضا و هو ما يظهر  جليا فى سؤاله ردا على إجابة فى فئة “مدن أمريكية” :”ما هى تورنتو؟” و  تورنتو هى مدينة كندية!! لكن د.ديفيد خمن أن خطأ واطسون ربما يكون راجعا  إلى عدم وضوح جملة”مدن أمريكية” فى الإجابة الموجهه إليه فلم يأخدها فى  إعتباره.
هذا الفيديو هو ملخص للمرحلة النهائية من المسابقة و فوز واطسون بمليون دولار

http://www.youtube.com/watch?v=WFR3lOm_xhE&feature=player_embedded
جيوباردى ليست نهاية واطسون، بل هى مجرد بداية. تكنولوجيا واطسون ضرورية  فى حياتنا اليوم بداية من الطب، يمكن لواطسون أن يكون مساعدا ً للطبيب  لإتخاذ القرارت الهامة و المؤثرة فى حياة المريض سواء فى إصدار تشخيص للمرض  أو فى مرحلة تحديد نوع العلاج الصحيح و الآمن ،حيث أن المريض يريد من  الطبيب أن يعطيه القرار المؤكد بأعلى نسبة من الثقة و هذا ممكن بمساعدة  واطسون. هناك مجالاً أخر لابد أن يبرع فيه واطسون و هو مركز خدمة العملاء ،  الذى يعد من أهم المراكز فى الشركات و المؤسسات المختلفة. وداعا للإنتظار  طويلا حتى تتلقى رداً من أحد موظفى خدمة العملاء بعد الآن، فواطسون مجهز  ليعطيك الإجابة عن تساؤلاتك أيا كانت. كذلك فى مجال المال و الأعمال فهو  مجال مليئ بالقرارت الصعبة و المحفوفة بالمخاطر و يمكن لواطسون أن يتخذ  القرارات الصائبة التى تؤدى إلى إزدهار التجارة و نمو الإقتصاد.الكثير و  الكثير من التطبيقات اليومية التى يمكن لوطسون أن يشارك بها ليصبح بذلك  المنافس الأول للمخ البشرى حتى الآن